الوعي الاسلامي
صفحة 1 من اصل 1
الوعي الاسلامي
الايمان والتفقه محور الشخصية المؤمنة
وهنا تأتي الحقيقة الخالدة ، فلا تسبيح بلا ايمان ، فالايمان هو محور الانسان ، ومعرفة الله - سبحانه - ، والتفقه في اياته هما محور التكوين للشخصية المؤمنة التي تتحدى الشركاء ، فالانسان لا يثبت ايمانه ، ولا يستطيع اقامة الحجة امام نفسه بوصوله الى مستوى الايمان الا عند تحدي الشركاء ، اما اذا كنت تؤمن بالله وتؤمن بالطاغوت في نفس الوقت فان هذا ليس ايمانا حقا ، فالايمان لا يكون الا مع الجهاد والرفض والتحدي ، اما من يخدع نفسه فليعلم ان خداع الذات هو اعدى اعداء المرء .
وقد خدع ابليس آدم وزوجه خداعا ذاتيا ، وعندما سأله الله - تعالى - عن سبب اطاعته للشيطان قال : يا رب انه حلف بعزتك وجلالك ، وما كنت اظن ان احدا يستطيع ان يحلف بك كاذبا ، وهكذا فقد اتبع ادم ظنه والظن لا يغني عن الحق شيئا ، فاذا وسوس لك الشيطان محاولاان يخدعك فارجع الى القرآن واسأل اهل الذكر من العارفين بالامر كي لا تنخدع ، فآدم (ع) ظل يبكي سنتين لتلك الخطيئة لانه لم يسأل ربه عندما حلف له ابليس ان الله - تعالى - قد اذن لهما ان ياكلا من تلك الشجرة ، فاذا التبست الامور عليك فتوسل الى الله ، واطلب منه الهداية كي لا تخدع نفسك .
ان الذي لا يناهض حكومات الجور ، ويتبع اوامرها وتعاليمها لابد ان يشك في ايمانه لانه لا يجتمع في قلب واحد ايمان بالله وايمان بالطواغيت ، فعد الى نفسك واحذر من الشيطان في كل خطوة تخطوها ، فانه مستعد لان يهجم على الانسان بكل اسلحته الفتاكة ، فتحد كل المؤامرات والعقبات التي تعترضك وفي مقدمتها خداع الذات .
قساوة القلب وعدم الخشوع
وهكذا فنحن نعيش حالة قساوة القلب ، والقليل منا يفكر في القضاء على هذه الحالة في حين ان من صفات المؤمنين خشوع القلب كما يصرح بذلك القران الكريم " انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهـم ايمانــا وعلـى ربهـم يتوكلون " .
ترى اين بكاؤنا في الليل ، واين خشوع قلوبنا ، واين شكرنا ؟ نحن لانمتلك نفسين واحدة ترد النار واخرى الجنة ، نحن نمتلك نفسا واحدة علينا ان نسعى من اجل انقاذها والا خسرنا " وقد خاب من دساها " (15) ، فلماذا لم نفهم آيات الله ولماذا لم نزدد ايمانا ، ولماذا كلما كبرت اعمارنا ابتعدنا عن رضوان الله ومعرفته ، ولماذا لانغتنم سني عمرنا التي تمر سراعا ؟ ان هذه الايام التي تمر من عمرنا محسوبة علينا ، فلنستغلها قبل ان يأتي ذلك اليوم الذي يجلس فيه حولنا اصحابنا واقاربنا وهم لايملكون لنا شيئا ، واذابالموت ينزل علينا ولا نستطيع رده .
فماذا يجب ان نعمل حتى تخشع هذه النفس القاسية ، وتزول هذه الظلمات الموجودة في قلوبنا ؟ ؛ الحل ان نتوب الى الله - تعالى - من اعمالنا السيئة ، وان نراجع سلوكنا ، وننظر هل يوجد في نياتنا خلل او فساد ، فنبادر الى ازالتهما بعزيمة راسخة ، وبالتوكل على الله .
ثم يستأنف السياق القراني المبارك قائلا : " الله اعلم حيث يجعل رسالته ، ويصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون " (16) ، فهذه آية من آيات معرفة النفس ، والاية التالية يشير اليها - تعالى - في قوله : " فمن يرد اللهان يهديه يشرح صدره للاسلام " (17) ، فالمؤمن منشرح القلب ، ولايجد في نفسه شحا ، فكلمة العفو سنته ، والاحسان الى الناس ، وخدمة المجتمع هدفه ، فهـو يعيش مرتـاح البـال دائمـا ، اما الانسان الشحيح فتراه مقبوض اليد ، منغلقا معقدا ، كأنما يصعد في السماء: " ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء " (18) ، فقد اثبت العلم ان مادة الاوكسجين تقل كلما صعدنا الى السماء وبذلك نشعر بالضيق والاختناق .
التجارب التاريخية في القرآن الكريم
وما حدث في التاريخ مما يرويه لنا القرآن الكريم في قصص عاد وثمود وآل فرعون وسائر الامم انما كان يمثل ظواهر كبيرة خلفت آثارها العميقة في التاريخ ، فليس من البساطة ان يهلك الله قوما جبارين كانوا قد نحتوا من الصخور منازل لهم ، ويمثلون اكبر قوة في الديار التي سكنوها في اطراف الجزيرة العربية ، فخلال عشية وضحاها ارسل الله العزيز الجبار عليهم ريحا عاتية ، اقتلعتهم من مخادعهم ، ورمت بهم الى آفاق الفضـاء الرحب دون ان يبقـى منهم اي اثـر الا مساكنهم الخاوية ، وكأنها لم تسكن من قبل .
وفي الوقت الذي كان فيه قوم هود يعانون ألم العذاب وهم في طريقهم الى الانقراض ، كان النبي هود (ع) والمؤمنون معه قد حفروا لأنفسهم حفرة صغيرة ، استلقوا فيها دون ان تؤذيهم تلك العواصف الهوج، بل تحولت الى نسيم عليل يستنشقون منه العبق الطيب ، بفضل الله -تعالى - .
وهكذا كان حال فرعون ذي الاوتاد ، فهو لم يكن شخصا بمفرده وانما كان يمثل خطا تاريخيا فهو كان يمتلك جيوشا قاهرة حتى قيل ان جيشه كان يضم سبعمائة الف انسان ، وهذا عدد هائل اذا ما قورن بعدد سكان العالم آنذاك ، ناهيك عما كان يملكه من امكانيات مادية هائلة، ولكن عاقبته كانت الهلاك في النهاية .
هذه الملامح التاريخية غنية المحتوى ، عظيمة العبرة ، والانسان المؤمن يستوعب مثل هذه الملامح التاريخية ، ويستوحي منها آفاقا واسعة لذلك نجد ان الحديث في سورة الفجر يبدأ عن ( ارم ذات العمـاد ) ، اي عـن عـاد و ( ثمـود الذيـن جـابـوا الصخـر بالـواد ) و (
فرعون ذي الاوتاد ) ، ثم ينتهي الحديث الى الانسان ، لان الهدف من كل التحولات والتطورات في التاريخ هو زيادة تجربة الانسان ، وتعميق نظرته الى الحياة ، ومحاولة فهم الحقائق ، وبالتالي اكتساب العبر ، لان " السعيد من اتعظ بتجارب غيره " .
فعلى الانسان ان لايغتر بنفسه ، وان يعتبر بمن مضى ، وبما جرى ، والقرآن الكريم انما يحدثنا عن قضايا تاريخية ، وحوادث هامة وقعت في غابر الزمان لكي نتعلم كيف نفكر بعمق ، وكيف نتبصر بدقة فننتبه ونعي .
القرآن برنامج متكامل لتوجيه الانسان
فالايات القرآنية الكريمة يمكننا ان نستلهم منها برنامجا متكاملا لتوجيه الانسان ، ومن ضمن هذه الايات تلك التي تتحدث عن قصة ابراهيم (ع) ، وحادثة تحطيمه للاصنام ، فهو (ع) قبل ان يبادر الى تحطيم الاصنام الحجرية فانه بدأ قبل ذلك بتحطيم الاصنام التي فرضتها البيئة على نفسه ، فانفتح عقله وقلبه على الحقيقة ، اما اولئك الذين امعنوا في عبادة الاصنام فانهم حتى لو وفقوا الى تحطيم الاصنام الخارجية فانهم سيظلون يعبدونها .
والدليـل علـى ذلك تجربـة بني اسرائيـل مـع نبـي الله موسى (ع) ، فبعد ان اغرق الله - سبحانه وتعالى - صنمهم البشري فرعون الذي كان يعبد من دون الله عندما ادعى الربوبية ، ظلت عقدة عبادة الاصنام كامنة في نفوسهم عندما قالوا لموسى (ع) : " يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة " (2) ، وهذا يؤكد على ان صنمهم الداخلي كان ما يزال موجودا في انفسهم ؛ اي انهم لم يستطيعوا تحطيمه ، خلافا لموسى (ع) الذي قام اولا باسقاط فرعون الداخلي لينطلق في رحاب الرسالة ، ولكن الخضوع للطاغوت كان ما يزال متشربا في نفوسقومه ، بفعل تأثير الرواسب الجاهلية .
وهذا ما يحدث عادة في اغلب التحركات الاصلاحية ، فمن المعروف ان اكبر حركة تغييرية في التأريخ تمثلت في الرسالة الاسلامية ، فرغم عظم هذه الحركة الالهية التي احدثت تطورا سريعا في مجتمع الجزيرة العربية ، الا ان الردة الى الجاهلية حدثت بعد اقل من قرن من بزوغ الرسالة الاسلامية ، فما هوالسبب في ذلك يا ترى ؟
السبب الرئيسي هو بقاء بعض الرواسب الجاهلية التي كانت تسود هذا المجتمع ، فصحيح ان الاصنام الحجرية في الكعبة كانت قد حطمت على يد النبي (ص) ، الا ان هذه الاصنام نفسها افرزت آثارا سلبية فيما بعد تمثلت في العصبيات القبلية المقيتة .
وقد كان الأئمة (ع) يبذلون جهودا كبيرة في سبيل نقد الثقافة الجاهلية ، وازالتها من الاذهان والنفوس لكي تسقط بذلك هيبة تلك الاصنام التي تمثلت الان في تقديس الوطنية الجـوفاء ، وتمجيـد اللغـة ، والتعصب للقوانيـن لكـي تصبـح اصنامـا تعبـد مـن دون اللـه - تعالى - .
وهنا تأتي الحقيقة الخالدة ، فلا تسبيح بلا ايمان ، فالايمان هو محور الانسان ، ومعرفة الله - سبحانه - ، والتفقه في اياته هما محور التكوين للشخصية المؤمنة التي تتحدى الشركاء ، فالانسان لا يثبت ايمانه ، ولا يستطيع اقامة الحجة امام نفسه بوصوله الى مستوى الايمان الا عند تحدي الشركاء ، اما اذا كنت تؤمن بالله وتؤمن بالطاغوت في نفس الوقت فان هذا ليس ايمانا حقا ، فالايمان لا يكون الا مع الجهاد والرفض والتحدي ، اما من يخدع نفسه فليعلم ان خداع الذات هو اعدى اعداء المرء .
وقد خدع ابليس آدم وزوجه خداعا ذاتيا ، وعندما سأله الله - تعالى - عن سبب اطاعته للشيطان قال : يا رب انه حلف بعزتك وجلالك ، وما كنت اظن ان احدا يستطيع ان يحلف بك كاذبا ، وهكذا فقد اتبع ادم ظنه والظن لا يغني عن الحق شيئا ، فاذا وسوس لك الشيطان محاولاان يخدعك فارجع الى القرآن واسأل اهل الذكر من العارفين بالامر كي لا تنخدع ، فآدم (ع) ظل يبكي سنتين لتلك الخطيئة لانه لم يسأل ربه عندما حلف له ابليس ان الله - تعالى - قد اذن لهما ان ياكلا من تلك الشجرة ، فاذا التبست الامور عليك فتوسل الى الله ، واطلب منه الهداية كي لا تخدع نفسك .
ان الذي لا يناهض حكومات الجور ، ويتبع اوامرها وتعاليمها لابد ان يشك في ايمانه لانه لا يجتمع في قلب واحد ايمان بالله وايمان بالطواغيت ، فعد الى نفسك واحذر من الشيطان في كل خطوة تخطوها ، فانه مستعد لان يهجم على الانسان بكل اسلحته الفتاكة ، فتحد كل المؤامرات والعقبات التي تعترضك وفي مقدمتها خداع الذات .
قساوة القلب وعدم الخشوع
وهكذا فنحن نعيش حالة قساوة القلب ، والقليل منا يفكر في القضاء على هذه الحالة في حين ان من صفات المؤمنين خشوع القلب كما يصرح بذلك القران الكريم " انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهـم ايمانــا وعلـى ربهـم يتوكلون " .
ترى اين بكاؤنا في الليل ، واين خشوع قلوبنا ، واين شكرنا ؟ نحن لانمتلك نفسين واحدة ترد النار واخرى الجنة ، نحن نمتلك نفسا واحدة علينا ان نسعى من اجل انقاذها والا خسرنا " وقد خاب من دساها " (15) ، فلماذا لم نفهم آيات الله ولماذا لم نزدد ايمانا ، ولماذا كلما كبرت اعمارنا ابتعدنا عن رضوان الله ومعرفته ، ولماذا لانغتنم سني عمرنا التي تمر سراعا ؟ ان هذه الايام التي تمر من عمرنا محسوبة علينا ، فلنستغلها قبل ان يأتي ذلك اليوم الذي يجلس فيه حولنا اصحابنا واقاربنا وهم لايملكون لنا شيئا ، واذابالموت ينزل علينا ولا نستطيع رده .
فماذا يجب ان نعمل حتى تخشع هذه النفس القاسية ، وتزول هذه الظلمات الموجودة في قلوبنا ؟ ؛ الحل ان نتوب الى الله - تعالى - من اعمالنا السيئة ، وان نراجع سلوكنا ، وننظر هل يوجد في نياتنا خلل او فساد ، فنبادر الى ازالتهما بعزيمة راسخة ، وبالتوكل على الله .
ثم يستأنف السياق القراني المبارك قائلا : " الله اعلم حيث يجعل رسالته ، ويصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون " (16) ، فهذه آية من آيات معرفة النفس ، والاية التالية يشير اليها - تعالى - في قوله : " فمن يرد اللهان يهديه يشرح صدره للاسلام " (17) ، فالمؤمن منشرح القلب ، ولايجد في نفسه شحا ، فكلمة العفو سنته ، والاحسان الى الناس ، وخدمة المجتمع هدفه ، فهـو يعيش مرتـاح البـال دائمـا ، اما الانسان الشحيح فتراه مقبوض اليد ، منغلقا معقدا ، كأنما يصعد في السماء: " ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء " (18) ، فقد اثبت العلم ان مادة الاوكسجين تقل كلما صعدنا الى السماء وبذلك نشعر بالضيق والاختناق .
التجارب التاريخية في القرآن الكريم
وما حدث في التاريخ مما يرويه لنا القرآن الكريم في قصص عاد وثمود وآل فرعون وسائر الامم انما كان يمثل ظواهر كبيرة خلفت آثارها العميقة في التاريخ ، فليس من البساطة ان يهلك الله قوما جبارين كانوا قد نحتوا من الصخور منازل لهم ، ويمثلون اكبر قوة في الديار التي سكنوها في اطراف الجزيرة العربية ، فخلال عشية وضحاها ارسل الله العزيز الجبار عليهم ريحا عاتية ، اقتلعتهم من مخادعهم ، ورمت بهم الى آفاق الفضـاء الرحب دون ان يبقـى منهم اي اثـر الا مساكنهم الخاوية ، وكأنها لم تسكن من قبل .
وفي الوقت الذي كان فيه قوم هود يعانون ألم العذاب وهم في طريقهم الى الانقراض ، كان النبي هود (ع) والمؤمنون معه قد حفروا لأنفسهم حفرة صغيرة ، استلقوا فيها دون ان تؤذيهم تلك العواصف الهوج، بل تحولت الى نسيم عليل يستنشقون منه العبق الطيب ، بفضل الله -تعالى - .
وهكذا كان حال فرعون ذي الاوتاد ، فهو لم يكن شخصا بمفرده وانما كان يمثل خطا تاريخيا فهو كان يمتلك جيوشا قاهرة حتى قيل ان جيشه كان يضم سبعمائة الف انسان ، وهذا عدد هائل اذا ما قورن بعدد سكان العالم آنذاك ، ناهيك عما كان يملكه من امكانيات مادية هائلة، ولكن عاقبته كانت الهلاك في النهاية .
هذه الملامح التاريخية غنية المحتوى ، عظيمة العبرة ، والانسان المؤمن يستوعب مثل هذه الملامح التاريخية ، ويستوحي منها آفاقا واسعة لذلك نجد ان الحديث في سورة الفجر يبدأ عن ( ارم ذات العمـاد ) ، اي عـن عـاد و ( ثمـود الذيـن جـابـوا الصخـر بالـواد ) و (
فرعون ذي الاوتاد ) ، ثم ينتهي الحديث الى الانسان ، لان الهدف من كل التحولات والتطورات في التاريخ هو زيادة تجربة الانسان ، وتعميق نظرته الى الحياة ، ومحاولة فهم الحقائق ، وبالتالي اكتساب العبر ، لان " السعيد من اتعظ بتجارب غيره " .
فعلى الانسان ان لايغتر بنفسه ، وان يعتبر بمن مضى ، وبما جرى ، والقرآن الكريم انما يحدثنا عن قضايا تاريخية ، وحوادث هامة وقعت في غابر الزمان لكي نتعلم كيف نفكر بعمق ، وكيف نتبصر بدقة فننتبه ونعي .
القرآن برنامج متكامل لتوجيه الانسان
فالايات القرآنية الكريمة يمكننا ان نستلهم منها برنامجا متكاملا لتوجيه الانسان ، ومن ضمن هذه الايات تلك التي تتحدث عن قصة ابراهيم (ع) ، وحادثة تحطيمه للاصنام ، فهو (ع) قبل ان يبادر الى تحطيم الاصنام الحجرية فانه بدأ قبل ذلك بتحطيم الاصنام التي فرضتها البيئة على نفسه ، فانفتح عقله وقلبه على الحقيقة ، اما اولئك الذين امعنوا في عبادة الاصنام فانهم حتى لو وفقوا الى تحطيم الاصنام الخارجية فانهم سيظلون يعبدونها .
والدليـل علـى ذلك تجربـة بني اسرائيـل مـع نبـي الله موسى (ع) ، فبعد ان اغرق الله - سبحانه وتعالى - صنمهم البشري فرعون الذي كان يعبد من دون الله عندما ادعى الربوبية ، ظلت عقدة عبادة الاصنام كامنة في نفوسهم عندما قالوا لموسى (ع) : " يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة " (2) ، وهذا يؤكد على ان صنمهم الداخلي كان ما يزال موجودا في انفسهم ؛ اي انهم لم يستطيعوا تحطيمه ، خلافا لموسى (ع) الذي قام اولا باسقاط فرعون الداخلي لينطلق في رحاب الرسالة ، ولكن الخضوع للطاغوت كان ما يزال متشربا في نفوسقومه ، بفعل تأثير الرواسب الجاهلية .
وهذا ما يحدث عادة في اغلب التحركات الاصلاحية ، فمن المعروف ان اكبر حركة تغييرية في التأريخ تمثلت في الرسالة الاسلامية ، فرغم عظم هذه الحركة الالهية التي احدثت تطورا سريعا في مجتمع الجزيرة العربية ، الا ان الردة الى الجاهلية حدثت بعد اقل من قرن من بزوغ الرسالة الاسلامية ، فما هوالسبب في ذلك يا ترى ؟
السبب الرئيسي هو بقاء بعض الرواسب الجاهلية التي كانت تسود هذا المجتمع ، فصحيح ان الاصنام الحجرية في الكعبة كانت قد حطمت على يد النبي (ص) ، الا ان هذه الاصنام نفسها افرزت آثارا سلبية فيما بعد تمثلت في العصبيات القبلية المقيتة .
وقد كان الأئمة (ع) يبذلون جهودا كبيرة في سبيل نقد الثقافة الجاهلية ، وازالتها من الاذهان والنفوس لكي تسقط بذلك هيبة تلك الاصنام التي تمثلت الان في تقديس الوطنية الجـوفاء ، وتمجيـد اللغـة ، والتعصب للقوانيـن لكـي تصبـح اصنامـا تعبـد مـن دون اللـه - تعالى - .
?????- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى