الهدر المدرسي
صفحة 1 من اصل 1
الهدر المدرسي
ان مشكل الهدر المدرسي هو مشكل بدون حدود يؤثر على المجتمعات و الجماعات في العالم بأسره. نتائجه ممكن ان تكون خطيرة و خطيرة جدا فهو يؤدي الى انتشار الأمية، البطالة ،الجريمة في المجتمع و هدر الموارد المالية للدولة. إن الهدر المدرسي له تأتيرات مباشرة على القدرات الاقتصادية للمجتمع، مع وجود تاثير كبير على الناتج الداخلي للدولة. هذه الإشكالية تقتضي اهتماما خاصا، وذلك بفهم أسبابها ونتائجها الشيء الدي سيمكن فيما بعد من إيجاد حلول مناسبة لها. هدا المقال هو دراسة لإشكالية الهدر المدرسي اولا على مستوى المغرب العربي، و ثانيا على مستوى المغرب. الهدف من هذه الدراسة هو إبراز أبعاد هذا المشكل و أسبابه الرئيسية
حجم الإشكالية
من خلال بحت الذي قامت به منظمة اليونسكو سنة 2004 تبين أن المغرب يتوفر على أكبر نسبة من الهدر المدرسي في العالم العربي. و هو يحتل في نفس الوقت المرتبة التانية على مستوى المغرب العربي بعد موريتانيا. إن نسبة الهدر المدرسي مرتبطة بالناتج المحلي، و لهذا تونس و الجزائر اللتان تتميزان بإقتصاد قوي بعائد إجمالي أكبر من 5000 أورو. هذان البلدان نسبة الهدر المدرسي فيهما هي 2-3% فيما يتعلق بالسنة الخامسة من التعليم الابتدائي. أما بالنسبة للمغرب و موريتانيا اللذان يتراوح عائدهما الاجمالي بين 3350 أورو الى 1750 أورو،فــإن نسبة هدرهما المدرسي في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي هو ما بين 6% و 22% . و رغم ذلك حقق المغرب نتائج مشجعة فيما يتعلق بنسبة التمدرس و المساواة بين الفتيات و الذكور على سبيل المتال قامت وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين لاطر و البحت العلمي بتعاون مع منظمة اليونسيف ببحت حول البنات و الذكور لاحظت من خلاله تراجع نسبة الهدر المدرسي ب 12 نقطة بين 1997/98 و 2002/03 على المستوى الوطني. و سجلت 22 نقطة على مستوى الوسط القروي. برغم من هذا النجاح المسجل يبقى هناك عمل الكثير للتقليل من هذه الظاهرة. بنائا على إحصائيات وزارة التربية الوطنية المسجلة في نهاية 2004 على شريحة من التلاميذ بلغ عددها 1000 تلميذ مسجلين للمرة الأولى في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، 620 و صلوا الى السنة السادسة أما 380 منهم فقد غادروا مقاعد الدراسة قبل الوصول الى هذا المستوى. إن الوسط القروي هو الأكثر تعرضا لظاهرة الهدر المدرسي أكثر من غيره، رغم أهميته في الطبقة الفقيرة في الوسط الحضري. أما بالنسبة للأحياء الشعبية حيت الوضع الإقتصادي ضعيف، تجد اشكالية الهدر متزايدة مقارنة مع الأحياء الأخرى : حي بئر الشفاء بمدينة طنجة على سبيل المثال. ففي سنة 2003/2002 نسبة الهدر في مدرسة شفاء 3 سجلت 2.62% وهي ثاني أعلى نسبة سجلت من بين 24 مدرسة موجودة في أحياء مختلفة بمدينة طنجة. من الملاحظ ايضا ان أكثر التلاميذ الذين يغادرون المدرسة هم أبناء أحياء الصفيح ، و من هنا يمكننا ان نضع السؤال التالي: ما هي أسباب الهدر المدرسي؟ في الحقيقة مشكل المغادرة المبكرة للمدرسة هو معقد جدا و المعقد اكثر هو تحديد الاسباب التي تؤدي الى مغادرة التلاميذ لمدارسهم. يقول السيد الشداتي مستشار اليونسيف : "عندما نلاحظ عامل يخص عدد كبير من التلاميذ الذين يغادرون الدراسة فهذا لا يعني وجود رابط السببية بين العامل و القيام بالمغادرة". إن البحث الذي قامت به اليونسيف خلال سنة 2004، يعرف الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي ، و قد قسم هذا البحت هذه الأسباب الى أسباب مدرسية و أسباب غير مدرسية.
أسباب الهدر المدرسي
الأسباب غير المدرسية
الأسباب غير المدرسية هي التي يصعب تحديدها لأنها تتعلق بالظروف الشخصية للفرد و التي تتعلق بظروف إجتماعية و إقتصادية. الأسباب غير المدرسية يمكن تلخيصها في ما يلي: ضعف الذخل المادي للاسرة عمل الأطفال :600.000 طفل يشتغل في المغرب الوضع الصحي للطفل المشاكل العائلية :الطلاق... أمية الأباء رد الفعل السلبي للأباء اتجاه المدرسة بعد المدارس عن المنازل الزواج المبكر عند البنات
- الأسباب المدرسية لها علاقة بالنظام التربوي السلبي الذي يعوق الثلاميذ عن متابعة الدراسة. حسب منظمة اليونسيف الأسباب المدرسية يمكن حصرها فيما يلي: الفشل في الدراسة سوء العلاقة بين المعلم و التلميذ ضعف الوسائل البيداغوجية ضعف البنية التحتية للمدارس الغياب المتكرر للمعلم أو الأ ستاد الإحباطات قلة الأنشطة الترفيهية ضعف المؤهلات لدى مديري المؤسسات قلة التكوينات الخاصة بمديري المؤسسات عدم ملاءمة التكوينات الأساسية للأساتذة مع متطلبات المدرسة و التلاميذ إن الأسباب الغير مدرسية تجعل ولوج التلاميذ الى المدرسة أمرا صعبا ، أما الأسباب الدراسية فهي تجعل الأطفال غير مهتمون بالمدرسة. و الأمر الأكثر تعقيدا هو أن الأباء لايرون في المدرسة سوى مؤسسة لتخريج المعطلين عن العمل، فالحصول على شهادة عليا لا يعني بالضرورة في المغرب الحصول على عمل محترم.
ما هي نتائج الهدر المدرسي ؟
أول نتائج الهدر المدرسي هو انتشار الأمية بين الشباب: في شهر يوليوز 2006، الوزير الأول المغربي ادريس جطو أعلن أن نسبة الأمية وصلت الى %39 . ويعتبر أن المغرب حقق نجاحا كبيرا لأن نسبة الأمية خلال سنة 1998 كانت تبلغ %54. رغم هدا النجاح ، فالمغرب يسجل أكبر نسبة أمية في المغرب العربي. النتيجة المباشرة للأمية هي من دون شك البطالة التي من شأنها أن تولد لذى الشباب الرغبة في الهجرة الى أوروبا ، وأيضا الرغبة في الربح السريع عن طريق القيام بأنشطة غير مشروعة. باختصار الهدر المدرسي و البطالة هما سببان رئيسيان في انحراف الشباب.الشيء الذي يؤدي الى إنتشار الجريمة و ارتفاع مصاريف الدولة فيما يتعلق بتأسيس نقط للمراقبة وأيضا لإنشاء مؤسسات إصلاحية لإعادة تأهيل هذه الشريحة.
ما هي استراتيجية محاربة الهدر المدرسي؟
نظرا لصعوبة هده الاشكالية و ارتباطها بمحتلف تكوينات المجتمع، فإن تحديد استراتيجية لمحاربة الهدر المدرسي تبقى من التحديات التي تواجهها الحكومة المغربية.و لشرح ذلك يجب التطرق الى الموضوع من خلال محورين رئيسيين: المحور الأول: بناءا على البرامج التي تم تحقيقها في السنوات يمكننا تسجيل ثلاث نقط رئيسية:
ضرورة إنشاء مقاربة نظامية يعني تسليط الضوء على العلاقات بين أطراف المجتمع : التلاميذ ، المعلمين ، ...
ضرورة إنشاء مقاربة تشاركية ممكن من خلالها اعتبار التلاميذ المشاركين الرئيسيين في العمل التربوي ، لهذا يجب الانصات لهم و لاقتراحاتهم.
الوقاية خير من العلاج ، للقيام بهدا يجب إنشاء كل سبل الوقاية من الهدر المدرسي.
و في هذا الإطار كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية ، قامت بوضع برنامج لمحاربة الهدر المدرسي خلال السنة الدراسية 2005-2006. البرنامج يدور حول محوريين رئيسيين :
الوقاية من الهدر المدرسي
دعم و إعادة إدماج التلاميذ الدين غادروا المدرسة
المحور الأول: ان الوقاية من الهدر المدرسي يمكن القيام به من خلال إنشاء خلايا في كل مدرسة ، هذه الخلايا يجب أن تتكون من المديرين، الأساتدة ، الجمعيات المحلية و الأباء. هذف هذه الخلايا هو تقديم الدعم للتلاميذ المعرضون للمغادرة. و يمكن أن يكون هذا الدعم: بيداغوجيا للذين يغادرون بسبب الرسوب اجتماعيا للذين يعانون من مشاكل اجتماعية دور هده الخلية هو البحث عن التلاميذ اللذين يفكرون في المغادرة ، و إقامة خدمة التوجيه بالنسبة لهم و ايضا تحليل مشاكل التعلم عندهم لأجل علاجهم و اقامة فضاء للانصات للمشاكل الاجتماعية و النفسية التي يعانون منها. المحور التاني: يتعلق بانجاز برنامج تربوي غير نظامي لأجل الأطفال الدين غادروا المدرسة ، التربية الغير نظامية ممكن تعريفها كباقي الأنشطة الموجودة داخل النظام التعليمي النظامي. المدرسة الغير نظامية توفر للأطفال الدين غادروا المدرسة فرصة انهاء دراستهم الابتدائية في دروس مبسطة خلال 3 سنوات بقياس 3 ساعات يوميا. و لتحقيق هدا الهذف تقوم وزارة التربية و التعليم بمنح الوسائل الديداكتيكية و القيام بدورات تكوينية للمربين و أيضا تقوم بتجهيز القاعات. إن مشروع التربية الغير نظامية مسير بصفة عامة من طرف الجمعيات المحلية، الوطنية و الدولية.
ما هي برامج محاربة الهدر المدرسي بحي بئر الشفاء؟
حي بئر الشفاء، من الأحياء الأكثر فقرا بمدينة طنجة. فمشاكل البنية التحتية بالحي ومحيطه، ابتداءا من شبكة التطهير المائي، الأزقة، انتشار الأزبال، وغياب شبكة الماء الصالح للشرب، لها تأثير مباشر على جمالية الحي، صحة السكان، والمحيط الحضري للجهة. مشاكل الإسكان تضاف إلى المشاكل السوسيوقتصادية للساكنة الفقيرة والتي تعاني من التهميش والعزلة. بالنسبة إلى حي فقير مثل هذا، فإن البرامج الموضوعة من أجل الحد من الهدر المدرسي تبقى غير كافية. في المدارس الابتدائية ببئر الشفاء (1،2،3) لاتوجد أية خلية مراقبة لمتابعة الأطفال المهددين بالانقطاع عن الدراسة، وبرامج التربية الغير النظامية لاتكفي لجميع الأطفال الذين غادروا المدرسة. ومع ذلك، فإنه ما بين يونيو 2003 و يونيو 2005 Waterforce, Veolia Environnement , Amendis (أمانديس شركة توزيع الماء و الكهرباء بطنجة) قاموا بإنجاز برنامج للحد من الهدر المدرسي في 30 مدرسة بطنجة (من بينها ثلاثة مدارس توجد بحي بئر الشفاء)، بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، اليونيسيف و الجماعة الحضرية بمدينة ليون الفرنسية ("ليون الكبيرة")، بهدف تحسين شروط العيش بالمدارس. هذا المشروع أعاد إشراك المدارس بشبكات المياه العمومية، الواد الحار و الكهرباء، خلق أو تجديد المراحيض للأطفال و المدرسين. موازاة مع أشغال التهيئة، قام المشروع بحملات تحسيسية للنظافة و البيئة و إصلاح و ترميم المرافق. هدف هذا المشروع هو تحسين ظروف عمل المدرسين و تعلم التلاميذ. و رغم ذلك، فإن المشروع لا يمثل سوى مرحلة أولى مقارنة بالحاجيات و المشاكل المتصاعدة. في المدارس الابتدائية في بئر الشفاء، يوجد كمعدل 50 تلميذا في القسم، و في وقت التسجيل، هذه السنة، 400 تلميذ لم يتمكنوا من التسجيل بسبب قلة الأماكن بالمدارس. المدارس الثلاث توجد بقرب أكبر نقطة سوداء ببئر الشفاء، و تراكم الأزبال تجعل الهواء ملوثا. و في الأخير يمكن القول أنه يوجد عمل كثير في بئر الشفاء يمكن القيام به من أجل تحسين شروط تعلم التلاميذ و محاربة الهدر المدرسي.
خلاصة
إن مشاركة الشباب لها أهمية كبيرة في محاربة الهدر المدرسي. الشباب لديهم الخبرة و احتكاك مباشر بالمدرسة إضافة الى الصبر و الطاقة من أجل الانخراط في التغيير. إن الجيل الجديد يملك الأفكار الجديدة الضرورية من أجل الحد من الهدر المدرسي. لكن الشباب لا يستطيع عمل كل شيء بمفرده، لذلك فمن المهم و الضروري إدماج كل الساكنة في مراحل حل المشكل. الحد من الهدر المدرسي يكون أكثر فاعلية عندما يشارك فيه الجميع: آباء التلاميذ، أساتذة، مديري المدارس، المؤسسات المحلية، و خاصة التلاميذ. يجب على الشباب الوعي بحجم المشكل، أسبابه، مخلفاته، والفاعلين في هذه اللإشكالية عوض انتظار تفسيرات الآخرين، الشباب يجب أن يجتمع، ويحلل مشكل الهدر المدرسي عن طريق إنجاز دراسة ميدانية للإشكالية. مرحلة التواصل جد مهمة من أجل تحسيس الساكنة بالمسؤولية، ولكن كذلك من أجل القدرة على الإنصات وجمع الاقتراحات. بهذه الطريقة، يمكن إعادة معالجة مختلف نقط الموضوع وفي نفس الوقت إثارة انتباه الساكنة.
توصيات موجهة للشباب
لإتمام هذا المقال نترك لكم لائحة اقتراحات موجهة إلى كل شباب العالم العربي الملتزمين بمحاربة الهدر المدرسي:
• إنجاز بحث ميداني خاصة بالأطفال والآباء و المدرسين من أجل استكشاف الأسباب الكامنة وراء انقطاع الأطفال عن الدراسة.
• عرض نتائج بحث الجمعيات المحلية والوكالات الحكومية العاملة في هذا المجال.
• تحضير اجتماعات مع أخصائيين من أجل تجميع النتائج المحصل عليها ومعرفة ما هي الإستراتجيات الفعالة وما هي شروط نجاحها.
• تنشيط أوراش ومحترفات متنوع لمناقشة مختلف الحلول الممكنة.
• إنجاز حملة تحسيسية حول إشكالية الهدر المدرسي عبر تنشيط محترفات متنوعة مع المجتمع لمناقشة الحلول الممكنة أو عبر ملصقات أو أنشطة ميدانية.
• إعداد دورات تنشيطية داخل المؤسسات والمدارس حول أهمية التعليم.
• خلق شبكة تواصل مع شباب أحياء أخرى لمناقشة وتشارك الآراء وتقييم جميع النتائج المحصل عليها.
وإنه من المهم التذكير باستحالة حل كل المشاكل في وقت واحد فالتغيير قد يتحقق فقط بالتدريج بوسائل وأفعال بسيطة وقارة تتطلب التزام كل الفاعلين معا.
تعريف بجمعية شفاء
تأسست جمعية شفاء للتنمية ومحاربة الأمية سنة 1998 بمبادرة من مجموعة من شباب حي بئر الشفاء الذين التقوا لمناقشة مشاكل الحي وإيجاد الحلول المناسبة لها فخرجوا بضرورة تأسيس جمعية يكون من أهدافها:
المساهمة في تنمية الحي عبر دعم الإندماج الإقتصادي للفئات الفقيرة بواسطة أنشطة تكوينية.
خلق نشاطات مدرة للدخل.
محاربة الأمية.
وقد حققت جمعية شفاء منذ نشأتها مشاريع متنوعة :
برنامج محو الأمية بشراكة مع مدرية محاربة الأمية والذي استفاد منه 3000 راشد.
تكوين 250 امرأة في مهنة الخياطة بشراكة مع برنامج للأمم المتحدة للتنمية.
مشروع الهدر المدرسي بشراكة مع اليونيسيف...
وقد تكون أهم نتيجة خرجت بها الجمعية خلال سنواتها الثماني الماضية هي تطوير ثقافة التضامن مميزة داخل الحي وأن كل الساكنة بئر الشفاء تضع ثقتها في الجمعية الحي وتعتبر نفسها عضوا فيه
nou3man- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى